الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا مسألتان:
- المسألة الأولى: مسألة التلفيق بين أجناس الطعام المجزئ في الكفارة بالإطعام، وهي محل خلاف بين أهل العلم، والأظهر أن ذلك جائز.
قال ابن قدامة في المغني: إن أطعم بعض المساكين برا، وبعضهم تمرا، أو من جنس آخر: أجزأ. وقال الشافعي: لا يجزئه. ولنا قوله تعالى: { فكفارته إطعام عشرة مساكين }، وقد أطعمهم من جنس ما يجب عليه. ولأنه لو كسا بعض المساكين قطنا، وبعضهم كتانا، جاز، مع اختلاف النوع، كذلك الإطعام. اهـ.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} الآية ( فيخير من لزمته ) كفارة يمين ( بين ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين من جنس واحد أو أكثر، مما يجزئ، من بر وشعير وتمر، وزبيب وأقط ) بأن أطعم بعضهم برا، وبعضهم تمرا. اهـ.
- والمسألة الثانية: ما هو المجزئ من أنواع الطعام، وهذه المسألة هي الأخرى محل خلاف، ولها نظران:
- النظر الأول: ما هي الأنواع المجزئة؟
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية إلى أن المجزئ في الإطعام هو: البر، أو الشعير، أو التمر، دقيق كل واحد كأصله كيلا، أي نصف صاع في دقيق البر، وصاع في دقيق الشعير ... .
وذهب المالكية إلى أن الإطعام يكون من القمح إن اقتاتوه، فلا يجزئ غيره من شعير أو ذرة أو غيرهما، فإن اقتاتوا غير القمح فما يعدله شبعا لا كيلا.
وذهب الشافعية إلى أن الإطعام يكون من الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة؛ لأن الأبدان تقوم بها، ويشترط أن يكون من غالب قوت البلد.
وذهب الحنابلة إلى اشتراط أن يكون الإطعام من البر والشعير ودقيقهما، والتمر والزبيب، ولا يجزئ غير ذلك ولو كان قوت بلده، إلا إذا عدمت تلك الأقوات. اهـ.
- والنظر الثاني: إذا ما كان في البلد شيء غالب من أنواع الأقوات، وفي هذه الحال اختلف أهل العلم: هل يجزئ غير الغالب من الأنواع السابقة، أم لا؟
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية والشافعية إلى أن الواجب هو غالب قوت البلدة، في حين ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه مخير بين أقوات البلد. اهـ.
وبذلك يتضح أن ما ذكرته السائلة من الحليب والزيت والخضر، لا يجزئ إخراجه في كفارة اليمين.
والله أعلم.