الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تبين لنا من خلال أسئلة سابقة، أن لديك وساوس كثيرة، نسأل الله تعالى أن يشفيك منها, وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك علاج لها، وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 3086.
وقد بينا بالفتوى رقم: 169147 أن الخوف من الرياء محمود، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يترك الطاعة وينقطع عنها خوفا من الرياء، وعليه المجاهدة لتصحيح النية، لا أن يترك العمل. وذكرنا في الفتوى رقم: 222163 الفرق بين الرياء وبين الوسوسة.
ثم إن الحنفية نصوا على أن العبادة التي لا تتجزأ، إذا دخلها الإنسان مخلصا، ثم طرأ عليه الرياء, فإن ذلك لا يقدح في الإخلاص، وهذا ينطبق على الصلاة, والصوم مثلا.
يقول ابن عابدين -الحنفي- في رد المحتار: لعل وجهه أن الصلاة عبادة واحدة غير متجزئة، فالنظر فيها إلى ابتدائها، فإذا شرع فيها خالصا، ثم عرض عليه الرياء، فهي باقية لله تعالى على الخلوص، وإلا لزم أن يكون بعضها له، وبعضها لغيره مع أنها واحدة، وهذا بخلاف ما لو كان عبادة يمكن تجزئتها كقراءة واعتكاف، فإن الجزء الذي دخله الرياء له حكمه، والخالص له حكمه. انتهى.
كما أن بعض الحنفية نص على أن الرياء لا يبطل الفرائض.
يقول ابن عابدين أيضا: (قوله: لا رياء في الفرائض، في حق سقوط الواجب) أي أن الرياء لا يبطل الفرض، وإن كان الإخلاص من جملة الفرائض. قال في مختارات النوازل: وإذا صلى رياء وسمعة، تجوز صلاته في الحكم؛ لوجود شرائطه وأركانه، ولكن لا يستحق الثواب. والذي في الذخيرة خلافه، قال الفقيه أبو الليث في النوازل: قال بعض مشايخنا: الرياء لا يدخل في شيء من الفرائض، وهذا هو المذهب المستقيم أن الرياء لا يفوت أصل الثواب، وإنما يفوت تضاعف الثواب. انتهى.
فننصح السائل أن يجاهد نفسه في سبيل التخلص من وساوس الرياء, فإنها من الشيطان لإدخال الحرج إلى قلبه, وليفسد عليه لذة العبادة.
وأما سؤالك الثاني: فيرجى إدخاله كسؤال مستقل؛ لتتسنى إجابتك عنه، كما هي سياسة الموقع.
والله أعلم.