الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذنب مهما عظم أو تكرر، فإن عفو الله تعالى أعظم، ولا يزال الله يقبل توبة العبد ما تاب إليه، وإذا تاب العبد توبة صادقة مستوفية لشروطها من الإقلاع، والندم، والعزم على عدم العودة، ثم عاد إلى الذنب، فإن توبته الأولى صحيحة مقبولة، ولا يؤاخذ إلا بالذنب الثاني، فإن تاب منه، تاب الله عليه، مهما تكرر ذنبه، وليس هذا مصرًّا، فإن المصرّ هو من يعزم على عدم ترك الذنب، وانظر الفتوى رقم: 357523.
فهذا الشخص مهما تكرر ذنبه، فليتب إلى الله، وليعد إليه بصدق، وليعلم أن الله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وأما هذا الشخص الذي ارتكب الموبقات -كاللواط، وغيره-، فإنه إن صدق في توبته إلى الله تعالى، وندم على عظيم جنايته، فإن الله يتوب عليه، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، ويعود هذا الشخص كمن لم يذنب إذا تاب توبة صادقة، كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وسواء كان مرض مرضًا مخوفًا أم لا، فإن توبته مقبولة ما لم تبلغ روحه الحلقوم، كما قال تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ {النساء:18}، وفي الحديث: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. أخرجه الترمذي.
فليحسن هذا الشخص ظنه بربه، وليجتهد في طاعته، وإبدال سيئاته حسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولا ييأس من رحمة الله تعالى، فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء -نسأل الله لنا ولكم توبة نصوحًا-.
والله أعلم.