الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن للذنوب تأثيرًا في قلة الرزق، كما أن للطاعة والإقبال على الله أثرًا في زيادته؛ قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ {المائدة:65-66}، وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ {الأعراف:96}.
يقول ابن القيم -رحمه الله-: وَمِنْهَا: أي: من آثار المعاصي، حِرْمَانُ الرِّزْقِ، وَفِي الْمُسْنَدِ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَكَمَا أَنَّ تَقْوَى اللَّهِ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ، فَتَرْكُ التَّقْوَى مَجْلَبَةٌ لِلْفَقْرِ، فَمَا اسْتُجْلِبَ رِزْقُ اللَّهِ بِمِثْلِ تَرْكِ الْمَعَاصِي.. انتهى.
فعليك أن تجتهد في طاعة الله تعالى، وتتقيه ما وسعك؛ فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، وعليك أن تتوكل على الله تعالى، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، أي: كافيه، فبالتوقي والتوكل يتحقق لك ما ترجو من زيادة الرزق وسعته، وفوض أمرك إلى الله، واستعن به، واجتهد في دعائه؛ فإن الأمور كلها بيديه، وهو سبحانه الرزاق ذو القوة المتين -نسأل الله لنا ولك رزقا طيبًا، وعملًا متقبلًا-.
والله أعلم.