الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مخاطبة الشخص بهذه الألفاظ للازدراء به والتنقيص من قدره يعتبر من الشتم والسب المنهي عنه شرعا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني
وسب المسلم فسوق، لما رواه الشيخان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
قال النووي: يحرم سبّ المسلم من غير سبب شرعي يجوّز ذلك، روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، ورويناه في صحيح مسلم، وكتابي أبي داود والترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ وصحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المُسْتَبَّانِ ما قالا، فعلى البادئ مِنْهُما ما لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ ـ قال الترمذي: حديث حسن صحيح. انتهى.
ولا يجوز الاستماع إلى السباب رضا به، ولا يأثم الشخص بمجرد سماعه من غير رضا، ولا سيما عند وجود الإنكار.
ومحل هذا إن كان المسبوب معلوما، واما ان كان مجهولا فلا يحرم سماعه؛ كما هو الحال في الغيبة فإنها لا تعتبر إلا في حق شخص معلوم، فقد جاء في شرح مسلم للنووي - في كلامه على حديث أم زرع - : قال المازري: قال بعضهم: وفيه أن هؤلاء النسوة ذكر بعضهن أزواجهن بما يكره، ولم يكن ذلك غيبة؛ لكونهم لا يعرفون بأعيانهم أو أسمائهم، وإنما الغيبة المحرمة أن يذكر إنسانا بعينه، أو جماعة بأعيانهم. قال المازري: وإنما يحتاج إلى هذا الاعتذار لو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمع امرأة تغتاب زوجها وهو مجهول، فأقر على ذلك. وأما هذه القضية فإنما حكتها عائشة عن نسوة مجهولات غائبات، لكن لو وصفت اليوم امرأة زوجها بما يكرهه، وهو معروف عند السامعين، كان غيبة محرمة. فإن كان مجهولا لا يعرف بعد البحث، فهذا لا حرج فيه عند بعضهم كما قدمنا، ويجعله كمن قال في العالم من يشرب، أو يسرق. قال المازري: وفيما قاله هذا القائل احتمال. قال القاضي عياض: صدق القائل المذكور، فإنه إذا كان مجهولا عند السامع ومن يبلغه الحديث عنه، لم يكن غيبة؛ لأنه لا يتأذى إلا بتعيينه. قال: وقد قال إبراهيم: لا يكون غيبة ما لم يسم صاحبها باسمه، أو ينبه عليه بما يفهم به عنه.اهـ.
وفي ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين للدكتور أحمد القاضي: سألت شيخنا رحمه الله: ما صحة هذه العبارة "لا غيبة لمجهول" ؟
فأجاب: هي ليست حديثاً. ولكن معناها صحيح، بشرط أن لا يفضي ذلك إلى البحث عنه، وإمكان التعرف عليه. اهـ.
وراجع في حكم عبارة "بحق كذا" الفتاوى رقم: 103624 -154627- 311551.
والله أعلم.