الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الانتفاع بما تعلمته، وما شاركت فيه، من دراسة أو غيرها، من خلال هذا الهاتف، ولا مجال للكلام عن حرمة ذلك عليك، فإنك لم تكن تعلم بحقيقة الحال، ولما علمت لم تستخدمه بعدها، وبالتالي فلا مجال حتى لمجرد الخلاف في رفع الإثم عنك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه، أو يكون وليا عليه .. وما تصرف فيه المسلم أو الذمي بطريق الملك أو الولاية، جاز تصرفه. فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا، كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم ... فإذا نظرنا إلى مال معين بيد إنسان لا نعلم أنه مغصوب، ولا مقبوض قبضا لا يفيد المالك واستوفيناه منه، أو اتهبناه منه، أو استوفيناه عن أجرة، أو بدل قرض: لا إثم علينا في ذلك بالاتفاق، وإن كان في نفس الأمر قد سرقه أو غصبه ... وكذلك في سائر هذه الصور، لم يتنازعوا أنه لا إثم على الآكل، ولا على اللابس .. الذي لم يعلم. اهـ.
وأما ما ينبغي السؤال عنه، فهو: كيفية التصرف في هذا الهاتف بعد العلم بأنه اشتري من مال حرام؟ وهذا محل نظر، واختلاف بين أهل العلم، والذي نراه للسائل أنه لا يحرم عليه الإبقاء عليه والانتفاع به، مع نصح أخته بالتحلل من هذا المال الحرام؛ لأن الحق قد تعلق بذمتها هي، والمال قد فات عينه بالشراء به.
قال المواق في التاج والإكليل: قال ابن أبي زيد من قول مالك وأهل المدينة: إن من بيده مال حرام، فاشترى به دارا، أو ثوبا من غير أن يكره على البيع أحدا، فلا بأس أن تشتري أنت تلك الدار أو الثوب من الذي اشتراه بالمال الحرام. وقد تقدم نص المدونة: إذا اشترى الشقص بالدنانير المغصوبة أن لك أن تشفع.
قال ابن رشد: وأجاز قبول هذا المشترَى هبةً، ابنُ سحنون وابنُ حبيب ... قال ابن رشد: ووجه هذا أن الحرام ترتب في ذمة البائع والمهدي، فهما المأخوذان به والمسؤولان عنه، ونحو هذا هو المروي عن ابن مسعود إذ قال: لك المهنأ، وعلى غيرك المأثم.
وقد قال في المدونة: من أودعته دنانير، فاشترى بها سلعة، فليس لك في السلعة شيء، إنما تتبعه بدنانيرك. اهـ.
والله أعلم.