الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر اقتصر على مجرد الرد على هذه الافتراءات ومنعها منها، ولم يكن منك اعتداء عليها، وتجاوز للحدود، فلست بمذنب، وقد جاء الشرع بالأمر بنصرة المظلوم بالدفاع عنه، ونصرة الظالم بمنعه من الظلم، روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما . فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره. ومن لم يكن مذنبا، فلا تلزمه التوبة، أو استسماح أحد، ولا تلحقه تبعة خوض الناس في هذا الأمر.
ولكننا ننصح بالسعي في الإصلاح؛ فالإسلام يرغب في أن يكون حال المسلمين قائما على الألفة والمودة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10}.
والسعي في الإصلاح قربة من أفضل القربات، روى الترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة.
قال المباركفوري في شرحه على الترمذي: قال الطِيبِي: فيه حث وترغيب في إصلاح ذات البين، واجتناب عن الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها، نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المشتغل بخويصة نفسه... اهـ.
وننبه إلى وجوب التوبة في حال وقوع أي نوع من تجاوز الحدود، وإذا تعلق الأمر بحق مخلوق يجب التحلل من ذلك، وهنالك تفريق لبعض أهل العلم فيما يتعلق بالتوبة من الحقوق المادية والحقوق المعنوية، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 236200.
والله أعلم.