الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بسلوكك طريق الاستقامة، فهذه نعمة عظيمة تستحق أن تشكري ربك عليها ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فبالشكر تزيد النعم، وتدوم بإذن الحي القيوم، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}. واحرصي على كل ما يمكن أن يعينك في هذا الطريق من الحرص على العلم النافع والعمل الصالح، وصحبة الخيرات. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 1208، ورقم: 10800.
ولا شك في أن الزوج الصالح من أعظم ما يعين المرأة في أمر دينها وثباتها عليه. وإن رغب هذا الشاب عنك ولم يرتض الزواج منك، فلا تيأسي، فلعل الله عز وجل صرف عنك شرا، فتوجهي لربك وسليه الزوج الصالح، وأحسني الظن به، فسيحقق لك سؤلك بإذنه؛ فإنه مجيب الدعاء، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وما أنت فيه من ضيق، وكذا إعراض هذا الشاب عنك، لا يلزم أن يكون عقوبة على ذنب، بل قد يكون مجرد ابتلاء، فالمؤمن يبتلى؛ ليميز الله الصادق من الكاذب، والصابر من غيره، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت2 : 3}.
وفي مسند أحمد عن فاطمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. وقد يكون الابتلاء دلالة على رضا الرب عن عبده، روى الترمذي وابن ماجة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. فاصبري وارضي عن الله يكسبك الرضا.
ولا حرج على المرأة في الإقامة في بلد ليس معها فيه محرم، إن كانت في مكان تأمن فيه على نفسها، فالمحرم يشترط للسفر لا للإقامة، كما بيناه في الفتوى رقم: 339469.
والله أعلم.