الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشفي بنتيك، ويعافيهما من كل سوء، وأن يربط على قلبك، ويشرح صدرك، ويصرف عنك وساوس الشيطان.
واعلمي أن كل ما يجري على العبد، فهو بقدر من أقدار الله، التي يجريها بحكمته البالغة، ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
واعلمي أن الابتلاء ليس بالضرورة أن يكون عقوبة للعبد، أو دليل هوان على الله، بل قد يكون الابتلاء دليل محبة من الله تعالى، وسبب لرفع الدرجات، ونيل الثواب العظيم، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
واعلمي أن ابتلاءك بمرض بناتك ليس بالضرورة دليلًا على عدم استجابة الله لدعائك السابق، فاستجابة الدعاء لا تنحصر في تحقق المطلوب فقط، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ، لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث: إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذن نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ0 رواه أحمد.
فأحسني ظنك بالله، وثقي برحمته وعدله وعلمه ببواطن الأمور، واعتصمي بالله، وتوكلي عليه، واستعيذي به من وساوس الشيطان، وأقبلي عليه بالطاعة والذكر والدعاء، وأبشري، فإنّ الله قريب مجيب.
والله أعلم.