الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الإشكال في إسناد هذا الحديث قاصرا على العنعنة! ففيه مع العنعنة: اختلاف الرواة على قتادة، كما أن بعض رواته فيه كلام. أما قتادة فإنه قد عنعنه، وهو موصوف بالتدليس، ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين – وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، ومنهم من قبلهم – فقال: مشهور بالتدليس، وصفه به النسائي وغيره. اهـ.
وأما الاختلاف فيه على قتادة فقد نقله السائل في سؤاله. وأما رواته ففيه شهر بن حوشب، وهو صدوق كثير الإرسال والأوهام، كما في تقريب التهذيب.
وقد رواه الترمذي بالإسناد الذي ذكره السائل، ثم قال: هذا حديث حسن غريب، وبعض أصحاب قتادة رووا هذا عن قتادة، مرسلا ولم يسندوه. اهـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد، وإسناده حسن، إلا أن شهرا لم يدرك معاذ بن جبل. اهـ.
وقال في موضع آخر: رواه كله أحمد، وإسناد الرواية الأولى حسن متصل. اهـ.
وقال محققو مسند أحمد بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب، ثم هو لم يسمع من معاذ بينهما في هذا الحديث عبد الرحمن بن غنم. اهـ.
وحسنه بطرقه أيضا الألباني.
وللحديث عدة شواهد يصح بها، منها عن أبي هريرة، قال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عن حديث رواه أبو سلمة، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: أن النبي صلى الله عليه سلم .... قلت: ورواه آدم فقال: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه سلم قال: "يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين، على خلق آدم، أبناء ثلاث وثلاثين". قلت لأبي: فأيهما الصحيح؟ قال: جميعا صحيحين ، قصر أبو سلمة. اهـ.
وقال عنه الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وإسناده حسن. اهـ.
ومنها عن أنس، رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة وقال: إسناده صحيح. اهـ.
وقال عنه الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده جيد. اهـ.
وله شواهد أخرى أسندها أبو نعيم في كتاب صفة الجنة، والبيهقي في كتاب البعث والنشور.
والله أعلم.