الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان كسبه كله من الحرام، لم تجز معاملته في ماله، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتويين: 6880، 7707. وأما معاملته في غير ماله والانتفاع به في غير الحرام، كالتوظف بشفاعته، والانتفاع بجاهه وإعانته، والاستفادة من علمه وخبرته، ونحو ذلك مما يفارق ماله الحرام، فالأصل أنه جائز، ما لم يكن فيه تنازل عن شيء من الدين، أو سبب للوقوع في معصية، ونحو ذلك مما لا يجوز. ولا ننتقل عن هذا الأصل إلا بدليل، ولا نعلم دليلا يحرم ذلك، وأما باب الورع فباب آخر غير الفتوى. ولا يخفى أن الوظيفة التي حصلها صاحبها بشفاعة مَنْ ماله حرام، أجرتها تكون على جهده وعمله، وليس لأجل ذات الشفاعة.
وأما السؤال عما يشابه ذلك في كتب الفقه وفي تاريخنا الإسلامي، فلا يحضرنا في خصوصه شيء. إلا أنا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش في كنف ورعاية عمه أبي طالب، ودخل صلى الله عليه وسلم مكة لما رجع من الطائف في جوار المطعم بن عدي. ولما خرج أبو بكر مهاجرا إلى الحبشة رجع إلى مكة، ودخلها في جوار ابن الدغنة سيد القارة. وهؤلاء ثلاثتهم مشركون. وراجع للفائدة الفتويين: 327640، 119429.
والله أعلم.