الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرشوة المحرمة هي ما يبذل للتوصل إلى باطل، أو إبطال حق، قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلًا إلى أخذ حق، أو دفع ظلم، فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين، قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم... وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل: الرشوة ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه، فلا بأس به.
وما دامت الرشوة المذكورة هي لرفع الظلم، وإحقاق الحق، فلا حرج عليكم في بذلها للموظف المذكور، ويكون الإثم على الآخذ لا على المعطي، قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما دفع المال لإبطال الظلم، فهو جائز للدافع، حرام على الآخذ. انتهى.
وطلب الموظف -سواء أنت أم غيرك- أن يعطى مكافأة مقابل سعيه في رفع ذلك الظلم، وهذا ليس من عمله، لا حرج فيه، ولو اقتضى سعيه ذلك مصانعة الظالم، أو من يمكنه رفع الظلم ببذل مال إليه، وقد بينا أن الدافع معذور، بخلاف الآخذ.
والله أعلم.