الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشاهدة الأفلام الإباحية خطر داهم، وشر وبيل، وباب إلى الفساد عظيم، وسبيل من سبل إغواء الشيطان لابن آدم، يسعى من خلاله لأن يورده مورد الهلكة؛ لأنه عدوه والحريص على إضلاله وإصلائه نار جهنم وبئس المصير، ولذلك حذر الرب تعالى منه فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، وما ذكرته من محادثتك الرجال بكلام فاحش من خلال الدردشة قد يكون من الثمار المرة لمشاهدة الأفلام الإباحية، وإن لم تتداركي نفسك وتتوبي إلى ربك ربما يحدث ما هو أدهى وأمر، فتندمين حيث لا ينفع الندم.
فعليك المبادرة فورا إلى التوبة النصوح، وكوني على حذر من التسويف، فالموت يأتي بغتة، وما يدريك أن يفجأك الموت وأنت على معصية، فيختم لك بسوء، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {الزمر53-55}.
وحسن أن تستشعري خطورة ما أنت عليه، وتندمي على أفعالك، ولكن اجعلي من ذلك سبيلا للتوبة النصوح، وهي التوبة التي لا تكون صحيحة إلا إذا توفرت فيها شروط معينة سبق بيانها في الفتوى رقم: 29785. وهنالك أمور قد تعينك على الثبات والإفلات من مزالق الشيطان أوضحناها في الفتاوى: 1208، 10800، 12928. وإن قدر أن ضعفت بعدها فلا تيأسي من رحمة الله، بل بادري إلى التوبة مرة أخرى، روى مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكى عن ربه عز وجل قال:« أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدى أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب واعمل ما شئت فقد غفرت لك ». وهذا كله لواسع رحمته، وعظيم فضله، ومحبته أن يتوب على عباده، قال سبحانه: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا {النساء:27}.
وما فعلت من معاص لا تعتبر من الزنا الحقيقي الموجب للحد أو المانع من الزواج من العفيف، ولكنها من قبيل الزنا المجازي، ولمعرفة المزيد عن حقيقة هذين النوعين من الزنا راجعي الفتويين: 323977، 58914.
والله أعلم.