الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على المكسب الحلال، ورفضك لما اقترح عليك من العمل في برامج تساعد البنوك الربوية.
فمن المعلوم أن الربا من كبائر الذنوب وشنيعها؛ قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة:275}، وقال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279}، وعن جابر -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولا يجوز لك أن توافقهم على أن يجعلوا شخصًا آخر يقوم بهذه الأعمال المحرمة، فإن قاموا بذلك دون موافقتك، فإثم ذلك عليهم؛ قال تعالى: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الإسراء:15}.
والذي ينبغي عليك هو نصح أصحاب هذه الشركة، ومن يستطيع التأثير عليهم، بتجنب العمل في هذه البرامج المعينة على الربا، فإن استجابوا لك، فاحمد الله على ذلك، وإن رفضوا، فقد أديت الذي عليك من واجب النصيحة وإنكار المنكر؛ قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}.
وإن وجدت مكان عمل آخر يناسبك، لا يعمل فيه بمثل هذه المنكرات، فاحرص على الانتقال إليه، إن أمكنك ذلك، وإن لم يمكنك، فلا يضرك -إن شاء الله تعالى- أن تبقى في عملك الحالي، في المجال المباح، مع المجاهدة في إصلاح مكان عملك بالتي هي أحسن.
وينظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 6448، 337066، 354898.
والله أعلم.