الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيتعين عليك أخي السائل أن تأمر زوجتك وأولادك بالمحافظة على الصلاة في وقتها، وتُذَكِّرَهُم بالله تعالى، وبأليم عقابه لمن فرط فيها عملا بقوله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... } التحريم: 6، وأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة فقال تعالى{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ... } طه: 132، قال السعدي: أي: حث أهلك على الصلاة وأزعجهم إليها من فرض ونفل، والأمر بالشيء أمر بجميع ما لا يتم إلا به، فيكون أمرا بتعليمهم، ما يصلح الصلاة ويفسدها ويكملها . اهـ
وقد أثنى الله عز وجل على رسوله إسماعيل عليه السلام بأنه كان يامر أهله بالصلاة فقال { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } مريم: 55
فاجتهد أخي السائل في أمرهم بالصلاة، ولا تتركهم وشأنهم، وأيقظهم للصلاة قبل خروج وقتها، ولا تدعهم ينامون؛ لا سيما الأولاد، فإن الشرع جاء بالأمر بضربهم إذا لم يصلوا؛ كما في حديث: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رواه أحمد وأبو داود، قال صاحب عون المعبود في شرح هذا الحديث: (وَاضْرِبُوهُمْ) أَيِ الْأَوْلَادَ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ (وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ) لِأَنَّهُمْ بَلَغُوا أَوْ قَارَبُوا الْبُلُوغَ .... قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا يَدُلُّ عَلَى غِلَاظِ الْعُقُوبَةِ لَهُ إِذَا تَرَكَهَا مُدْرِكًا ... اهـ .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن للزوج تأديب زوجته أيضا بالضرب – غير المبرح – على ترك الفرائض؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 300220.
وإذا كان سبب تفويت الصلاة هو النوم متأخرا، فمرهم بأن يناموا مبكرين؛ حتى يتمكنوا من القيام للصلاة، وليست الدراسة عذرا في تفويت الصلاة، ويمكنهم أن يدرسوا إلى وقت لا يترتب عليه تضييع الصلاة، ولْيُعطوا كل شيء قدره، ولتكن الصلاة في قائمة الأولويات لا في ذيلها؛ فإنها عمود الدين، والسهر مكروه في الأصل؛ فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. متفق عليه. وقد قال الحافظ في الفتح: قيل: الحكمة فيه لئلا يكون سببا في ترك قيام الليل، أو للاستغراق في الحديث، ثم يستغرق في النوم، فيخرج وقت الصبح. اهـ
وقد أوجب بعض العلماء النوم مبكرا لمن تفوته الصلاة إذا نام متأخرا؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة التصريح بوجوب ذلك، حيث قالت: يجب على المسلم أن يفعل الأسباب التي تعينه على الاستيقاظ من النوم مبكرا، ووضع المنبه، أو الطلب ممن يستيقظ مبكرا أن يوقظه لصلاة الصبح. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين فيمن تأخر عن النوم، أو ترك الأخذ بالأسباب حتى فاته الفجر: يجب عليه أن يعمل كل الأسباب التي تجعله يصلي الفجر جماعة، ومن ذلك: أن ينام مبكراً، لأن بعض الناس يتأخر في النوم، ولا ينام إلا قبيل الفجر، ثم لا يتمكن من القيام، ولو وضع المنبه، ولو أمر من ينبهه، لذلك نحن ننصح هذا وأمثاله بأن يناموا مبكرين حتى يقوموا نشيطين، ويصلوا جماعة, أما هل هو آثم؟ نعم، هو آثم إذا كان هذا بسببه؛ سواء كان بتأخره في المنام، أو كان ذلك بترك الاحتياط بالاستيقاظ، فإنه آثم. اهـ.
وإذا بذلت جهدك في النصح والتوجيه والتأديب، فقد أديت ما عليك، ونرجو أن لا إثم عليك بعد ذلك لو أصروا على تأخير الصلاة عن وقتها، ولكن مع الاستمرار وعدم اليأس في القيام بما أنت مطالبٌ به شرعا، ولا تنس باب الدعاء، فإنه بابٌ عظيم يغفُلُ عنه كثير من الناس، فاجتهد في دعاء الله لهم بالهداية.
وانظر الفتوى رقم: 355090. حول نصائح وخطوات عملية للمحافظة على صلاة الصبح في موعدها.
والله تعالى أعلم.