الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تحمل المرأة أمر زوجها على السلامة، فلا يجوز لها أن تتهمه بشيء من غير بينة، وانظري كيف حملك سوء الظن إلى منكر آخر وهو التجسس، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ... {الحجرات:12}، فالواجب عليك المبادرة للتوبة النصوح، وقد رأيت كيف يؤدي ذلك إلى أمور قد لا تحمد عقباها.
وبخصوص هذا التحريم المعلق على فتح البريد أو تتبعك له، فإن قصد بذلك كل ما يخصه فنيته معتبرة في ذلك. وبناء عليه تكونين قد حنثت بمخالفتك لأمره. وتحريم الزوج زوجته يرجع فيه إلى نية الزوج؛ إن قصد به ظهارا أو طلاقا، أو يمينا. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14259.
وننبه هنا إلى أن بعض الفقهاء قد ذهب إلى أن الزوجة إذا كانت ممن يبالي بتعليق زوجها، وأنها لو علمت لم تفعل ما منعها منه لم يحصل الحنث، ويمكنك مطالعة الفتوى رقم: 161005. وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
وفي المسألة الثانية: إن حلف زوجك بطلاقك إن كان أهلك يعلمون بموعد عودتكم، والواقع أنه انتفى علمهم بهذا الموعد لادعائك لهم بإلغائه، فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أن الطلاق لا يقع لعدم تحقق المحلوف عليه.
والحلف بالكذب لا يجوز إلا لضرورة، وأما مجرد كذب المرأة على زوجها للحفاظ على العشرة، وبما لا ينتقصه حقا فجائز، والأولى بكل حال استخدام المعاريض ففيها مندوحة عن الكذب، وراجعي الفتوى رقم: 7432، والفتوى رقم: 29059.
وننبه إلى أن يحذر الزوجان العصبية، وأن يحرصا على حل المشاكل بالتفاهم، وأن يجتنب الزوج ألفاظ الطلاق قدر الإمكان. ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 8038.
والله أعلم.