الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف المفسرون في هذا الشاهد الإسرائيلي المشار إليه في قوله سبحانه: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ [الأحقاف: 10] من هو؟ فقيل: إنه رجل منهم كان بمكة، واختار هذا القول ابن جرير، وحجته أن السورة كلها مكية بالإجماع، كما نص عليه الشوكاني، وقيل: إن الشاهد هو الصحابي الجليل عبد الله بن سلام، وبه قال الحسن، وقتادة، وعكرمة، ولعل هذا القول هو الصحيح، لحديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- الذي رواه أحمد، وصححه الألباني وفيه... حتى إذا كدنا أن نخرج، نادى رجل من خلفنا كما أنت يا محمد، فأقبل، فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا: والله ما نعلم أنه كان فيها رجل أعلم بكتاب الله منك، ولا أفقه منك، ولا من أبيك قبلك، ولا من جدك قبل أبيك، قال: فإني أشهد له بالله أنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة، قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه قوله، وقالوا فيه شرًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، ولما آمن كذبتموه وقلتم فيه ما قلتم، فلن يقبل قولكم، قال: فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنا، وعبد الله بن سلام، وأنزل الله -عزَّ وجلَّ- قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
والله أعلم.