الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالآيات الثلاث من سورة المؤمنون وسورة المعارج هي قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ.
فأخبر الله -سبحانه- أن من صفات عباده المؤمنين أنهم حافظون لفروجهم، أي ممسكون لها بالعفاف عما لا يحل لهم، وهذه الآيات في الرجال، لأن الله قال فيها: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ.
وقد أجمع العلماء على أنه لا يحل للمرأة أن يطأها من تملكه، فكانت هذه الآيات في الرجال، وأما النساء فقد قال القاضي ابن العربي -رحمه الله-: وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخرى، كآيات الإحصان عموماً وخصوصاً، وغير ذلك من الأدلة. انتهى.
والمراد بقول الله تعالى: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ. الإماء، قال الشوكاني المعنى: أنهم لفروجهم حافظون في كل الأحوال، إلا في حال تزوجهم أو تسريهم. انتهى.
ثم قال -سبحانه وتعالى-: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ. أي: فمن ابتغى سوى الزوجات، وملك اليمين، فأولئك هم المجاوزون إلى ما لا يحل لهم، وبهذه الآية استدل الإمام مالك -رحمه الله- على حرمة الاستمناء، فقد سئل عنه فتلا هذه الآية، وبمثل قوله قال الشافعي -رحمه الله-، واستدل بعض العلماء بهذه الآية -أيضاً- على تحريم نكاح المتعة، لأن الله -عزَّ وجلَّ- أمر بحفظ الفروج، إلا من الزوجات وملك اليمين، والمتمتعة ليست زوجة.
والله أعلم.