الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج عليك في العمل بما أفتى به الشيخ في الطبعة التي عندك، ولا نرى أنه يلزمك البحث عن الطبعة الثانية؛ لتعلمي هل غير فتواه أم لا؟
وفيما يتعلق بفتاوانا: فإن الغالب على الفتاوى المتأخرة أنها أكثر دقة مما سبقها، فإذا أردت البحث عن فتوى في موضوع معين، فاجتهدي في البحث في الفتاوى الجديدة. فإن لم تجدي، فلك أن تعملي بالفتاوى السابقة في الموضوع.
وبعض أهل العلم فصلوا فيمن سأل عن واقعة وأجيب عنها، ثم حدثت له نفس الواقعة مرة أخرى، فقالوا بلزوم إعادة السؤال في بعض الحالات دون بعض، وصحح بعضهم عدم الحاجة لإعادة السؤال؛ لأنه قد علم الحكم، والأصل بقاء المفتي على قوله الأول.
قال زكريا الأنصاري -الشافعي- في أسنى المطالب: وَلَوْ أُجِيبَ فِي وَاقِعَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ، أَيْ لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا، ثُمَّ حَدَثَتْ لَهُ ثَانِيًا؛ لَزِمَ إعَادَةُ السُّؤَالِ، إنْ لَمْ يُعْلَمْ اسْتِنَادَ الْجَوَابِ إلَى نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، بِأَنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهُ إلَى رَأْيٍ أَوْ قِيَاسٍ، أَوْ شَكَّ فِيهِ، وَالْمُقَلَّدُ حَيٌّ؛ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ رَأْيِ الْمُفْتِي. فَإِنْ كَثُرَ وُقُوعُ الْوَاقِعَةِ، أَوْ عَلِمَ اسْتِنَادَ ذَلِكَ إلَى مَا ذُكِرَ، أَوْ كَانَ الْمُقَلَّدُ مَيِّتًا، لَمْ يَلْزَمْ إعَادَةُ السُّؤَالِ؛ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِي الْأُولَى، وَنُدْرَةِ تَغَيُّرِ الرَّأْيِ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمِهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ التَّكْرَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ، وَبِتَصْحِيحِ لُزُومِ إعَادَةِ السُّؤَالِ فِيمَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي أَوَائِلِ مَجْمُوعِهِ، نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ خَمْسَ أَوْرَاقٍ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْمُفْتِي عَلَيْهِ، وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ. اهـ.
والله تعالى أعلم.