الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعرفتك بخطأ هذا السلوك الذي سلكته، وعظم الفظائع التي أتيتها، هو بداية السير على الطريق الصحيح، فالمؤمن يخاف من ذنوبه بخلاف المنافق، فلا يبالي بالذنوب وإن عظمت.
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا.
والمبادرة إلى التوبة النصوح واجبة، وهي التوبة التي استجمعت شرائط الصحة، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 29785.
فإن تبت على هذا الوجه الصحيح، وإن ضعفت نفسك وعدت للذنب مرة أخرى، فأتبع ذلك بتوبة.... وهكذا، ولا تيأس أبدا أو تقنط من رحمة الله تعالى؛ فقد قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
روى مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذى تقول وتدعو لحسن، ولو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان:68}، ونزل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ {الزمر:53}.
ومما يمنع من قبول التوبة أن يتوب الإنسان وفي نيته أن يعود إلى ذلك الذنب، ولو أقلع وندم وعزم على عدم العودة إليه، قبلت توبته. روى البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عن أبي هريرة ـرضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك، قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت.
قال النووي: وفي الحديث أن الذنوب ولو تكررت مائة مرة، بل ألفاً وأكثر، وتاب في كل مرة، قبلت توبته...... اهـ.
ولست ظالما لأي فتاة طاوعتك على إقامة علاقة عاطفية معها، فهي التي جنت على نفسها بذلك، ولكن من ظلمتها بسب ونحوه، يجب عليك التحلل منها، ما لم تخش من ذلك مفسدة أعظم، فيكفيك - حينئذ- أن تكثر من الدعاء لها بخير، عسى الله عز وجل يرضيها عنك، وانظر الفتوى رقم: 223216.
وننبهك إلى أن من أعظم التفريط تضييع الصلاة عن وقتها بغير عذر، فتجب التوبة وقضاء ما فات، وإذا نسيت العدد، فاجتهد في التقدير، واقض ما يغلب على الظن معه براءة ذمتك، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 97471.
ونوصيك في الختام بالحرص على ما يعينك على الثبات على الحق من الوسائل، ويبعد عنك شر شياطين الإنس والجن، ويمكنك الاستفادة من الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1208 - 10800 - 12928.
نسأل الله تعالى لنا ولك العافية من كل سوء وبلاء.
والله أعلم.