الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالآية التي أشار إليها السائل هي قوله -سبحانه وتعالى- في سورة الزمر: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [الزمر:6].
ولعل السر في ذلك -والله أعلم- ما ذكره العلامة الشيخ محمد الطاهر عاشور في كتابه التحرير والتنوير عند تفسير هذه الآية حيث قال -رحمه الله- عن قوله تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ [الزمر:6] قال: وهذا اعتراض بين جملة "خلقكم من نفس واحدة" وبين "يخلقكم في بطون أمهاتكم" لمناسبة أزواج الأنعام لزوج النفس الواحدة. انتهى.
وعلى كل؛ فهذا امتنان من الله -سبحانه وتعالى- على عباده، حيث خلق لهم هذه الأنعام الثمانية، وهي المذكورة في سورة الأنعام 143-144.
وقال السعدي -رحمه الله-: خصها بالذكر مع أنه أنزل لمصالح عباده من البهائم غيرها لكثرة نفعها وعموم مصالحها ولشرفها ولاختصاصها بأشياء لا يصلح لها غيرها، كالأضحية والهدي والعقيقة ووجوب الزكاة فيها واختصاصها بالدية. انتهى.
ولعله -أيضاً- خصها بالذكر، لأن المخاطبين بالقرآن يؤمئذ قوام حياتهم بالأنعام، ولا تخلو الأمم يومئذٍ من الحاجة إلى الأنعام، ولم تزل الحاجة إلى الأنعام حافة بالبشر في قوام حياتهم. انتهى ملخصاً من التحرير والتنوير.
والله أعلم.