الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالتوفيق في الدعوة إلى الله تعالى، قرينٌ لأمرين: أولهما: الإخلاص، وثانيهما: اتباع طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة، وقد جاء بيانه في قوله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل: 125}.
قال ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: جعل سُبْحَانَهُ مَرَاتِب الدعْوَة بِحَسب مَرَاتِب الْخلق، فالمستجيبُ الْقَابِلُ الذكيُّ الَّذِي لَا يعاند الحق وَلَا يأباه، يُدْعَى بطرِيق الْحِكْمَة، والقابلُ الَّذِي عِنْده نوعُ غَفلَةٍ وَتَأَخُّرٍ، يُدْعَى بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة، وَهِي الأمر وَالنَّهْي المقرون بالرغبة والرهبة، والمُعَانِدُ الجَاحِدُ يُجَادِل بِالَّتِي هِيَ أحسن، هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي معنى هَذِه الآية .. اهـ.
وقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان كيفية الدعوة إلى الله تعالى، وما في تلك الفتاوى يغني عن الإعادة هنا، كالفتوى رقم: 8580 بعنوان: "كيف يكون الإنسان داعية"، والفتوى رقم: 17982، والفتوى رقم: 21186، والفتوى رقم: 289756، والفتوى رقم: 193411.
كما ننصح طالب العلم الحريص على الدعوة إلى الله تعالى، بقراءة بعض الكتب المصنفة في موضوع الدعوة، ككتاب: أصول الدعوة للدكتور/ عبد الكريم زيدان، وكتاب: الدعوة إلى الله للدكتور/ أبي الفتح البيانوني.
ومن المهم الانتباه والتأكيد على الرفق في الدعوة، والبعد عن العنف، والتعصبِ للأشخاص، فإن من الناس من يظن أن الدعوة إلى الله تعالى ونبذ البدع، طريقُها تبديع الناس وتفسيقهم، وهجرهم، وأقبح من هذا من ظن أن الدعوة هي الاشتغال بالحكم على الدعاة والمصلحين، وأن يكون سيفًا من سيوف العلمانيين وأهل الفساد مسلطًا عليهم، ولا شك أن هذا ليس من الدعوة إلى الله تعالى في شيء، وانظر الفتوى رقم: 357499.
والله تعالى أعلم.