الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على ما ذكرت، فإنه بتصرفاته هذه عاص لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وظالم لزوجته وأولاده منها، فيأثم بذلك، فتصرفاته هذه ليست بالأمر الهين، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع، وكلم ومسؤول عن رعيته... والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته... الحديث، وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت.
وهجره لك على الحال المذكور فيه تفريط عظيم، فهجر الزوجة له ضوابطه الشرعية التي تجب مراعاتها، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 71459، فراجعيها، كما أنه أساء إن اتهمك بما يشين بناء على كلام ابنته، فقد أمر الله بالتثبت عند ورود الأخبار، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}، وإحسان الظن بالمسلم مطلوب، ويتأكد في حق الزوج مع الزوجة، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... الآية {الحجرات:12}.
ووصيتنا لك أن تصبري على زوجك، وتكثري من الدعاء بأن يلهمه الله الرشد والصواب، فلعل دعوة صالحة منك تكون سببًا في صلاحه، وقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وإن كان لا يسمع لك، فسلطي عليه من ترجين أن يسمع قوله لينصحه بالحسنى، ويبين له خطأ ما يفعل وخطورته، وأن ذلك قد يكون سببًا لحمله أولاده على العقوق، عسى أن يستفزه ذلك، فينتبه ويتوب إلى ربه، فإن فعل، فالحمد لله، وإلا، فلك طلب الطلاق منه - إن شئت - فالضرر البين يبيح للمرأة طلب الطلاق من زوجها، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 37112.
وإن رأيت الصبر عليه حفاظًا على كيان الأسرة، فقد يكون ذلك أفضل.
وبخصوص حكم الجمع بين الزوجة وولد الزوج من غيرها في مسكن واحد، وتفصيل الفقهاء حوله، يمكن مطالعة الفتوى رقم: 73093.
والله أعلم.