الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهون عليك أيها الأخ الكريم، فالأمر لا يستوجب منك ضيقا ولا غيره، فهذه المسألة كغيرها من مسائل الخلاف، فمن كان أهلا للترجيح، فإنه يرجح ما يراه موافقا للدليل، ومن لم يكن كذلك بل كان عاميا، فإنه يقلد من يثق بقوله من أهل العلم، فلا حرج عليك البتة إن قلدت الجمهور القائلين بعدم انعقاد نذر الواجب، وانظر الفتوى رقم: 169801.
وزيادة للفائدة ننقل لك بعض كلام أهل العلم في نذر الواجب، قال ابن قدامة رحمه الله: [الْقَسَم السَّادِس نَذْرُ الْوَاجِبِ]، كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ، وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مَا هُوَ لَازِمٌ. لَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ مُوجِبًا كَفَّارَةَ يَمِينِ إنْ تَرَكَهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ؛ فَإِنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمِينًا. انتهى
وفي الموسوعة الفقهية: وقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه يشترط في القربة المنذورة أن لا تكون واجبة على الإنسان ابتداء، كالصلاة المفروضة وصوم رمضان؛ لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم له. انتهى
فعرفت بذلك أن عدم انعقاد نذر الواجب هو معتمد المذاهب الأربعة، وانعقاده رواية عند الحنابلة قواها الموفق، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، والأمر كما رأيت واسع، فمن كفر كفارة يمين لإخلاله بالنذر الواجب احتياطا فهو محسن، ومن عمل بمذهب الجمهور فلا تثريب عليه إن شاء الله، ومذهب الجمهور هو الذي نختاره في موقعنا.
والله أعلم.