الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوء والصلاة على هذا النحو وإن كان صحيحا مجزئا عند بعض أهل العلم، لكنه لا ينبغي الإقدام عليه، ولا ينبغي ترغيب الناس وحثهم على الصلاة بهذه الكيفية. وذلك لأن هذه الصلاة قد ترك فيها كثير من الواجبات عند كثير من أهل العلم، فإن فقهاء الحنابلة يوجبون تسبيح الركوع والسجود، والذكر عند الاعتدال من الركوع، وبين السجدتين، كما يرون التسليمتين ركنا، فتعمد الصلاة بهذه الكيفية، غير مجزئ عندهم، ولا ينبغي لمسلم أن يصلي صلاة يبطلها بعض أهل العلم، كما أن الله إنما أمر في كتابه بإقامة الصلاة، وإقامتها هي أداؤها على الوجه المشروع المأمور به، وفي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وأذكار الصلاة مع حضور القلب عند تلاوتها، من أعظم أسباب صلاح القلب، وهي من إقامة الصلاة المأمور بها.
ولو سلمنا صحة الصلاة على هذا النحو، فإن المصلي والحال هذه قد فوت على نفسه كثيرا من الأجور، ففاته فضل تلك الأذكار المشروعة، وفاته تحصيل كمال الخشوع في الصلاة، وكل ذلك يحرمه كمال الانتفاع بالصلاة وحصول بركتها، وإنما يرغب الناس في الصلاة بذكر عظيم أجرها وكبير ثوابها، وهي في نفسها لو فعلت على الوجه الكامل، سهلة ميسورة والحمد لله.
ويذكر لهم ما في الصلاة من المنافع الدينية والدنيوية، وما لها من الأثر العظيم في صلاح القلب إن هي فعلت على وجهها.
وما قيل في الصلاة فإنه يقال في الوضوء، فإن المضمضة والاستنشاق من فروض الوضوء عند الحنابلة، والتسمية في أوله مع الذكر من واجباته، والاقتصار على غسل الأعضاء مرة مرة وإن كان مجزئا، لكنه يفوت به أجر كمال الطهارة المستحبة.
والله أعلم.