الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من حيثيات قصتك مع زوجتك، وكون القوانين في تلك البلاد في كثير من الأحيان تقف إلى جانب المرأة على حساب الرجل، إضافة إلى محاذير أخرى، من أجل هذا كله حذر العلماء والمصلحون - وما زالوا يحذرون - من أمر التهاون في الإقامة فيها لغير ضرورة أو حاجة شديدة، فلو أقام المسلم في بلد من بلاد المسلمين لكان - بإذن الله - في عافية من ذلك كله، فلينتبه لهذا! وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 311917 .
وإن لم تتلفظ بطلاق زوجتك، ولم تكتب الطلاق بنية إيقاعه، فزوجتك لا تزال في عصمتك. ولا يقع الطلاق بمجرد صدوره من المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية، وقد صدر بذلك فتوى من مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ونص كلامهم ما يلي: أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية. اهـ.
ولا يجب عليك أن تطلق زوجتك، ولكن الأولى أن تطلقها ما دام حالها في تعاملها معك على ما ذكرت، ففراق المرأة سيئة الخلق مستحب؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 331651. بالإضافة إلى كونك لا تريد الرجوع إليها. ويمكنك أن تمتنع عن تطليقها حتى تفتدي منك بمال، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 352879.
وليس لها أن تقتسم معك مالك بغير وجه حق، ولا يحل لها أن تأخذه، ولا عبرة بقانون يخول لها ذلك؛ لأن فيه مخالفة لشرع الله. وحقوق المطلقة بينها العلماء، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 8845، وإن خالعتك على شيء منها كالمهر مثلا سقط عنك، وللمزيد فيما يتعلق بأحكام الخلع راجع الفتوى رقم: 73322، ورقم: 11543، ورقم: 20199.
وحسن أن يكون بينكما توافق على رفع الأمر إلى جهة موثوقة من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين، وظننا بها أن تحكم بينكما بما يقتضيه الشرع، وهذه المراكز تقوم مقام القضاء الشرعي، جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:" .... فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة ....".
وننبه إلى الحذر من تدخل أهل الزوجين بينهما بما يؤدي للإفساد، فإن الشرع يريد منهم أن يكونوا مصلحين لا مفسدين، قال الله سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.
والله أعلم.