الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة برد الأموال التي أخذتها لتتصدق بها ولم تفعل، ولا يجوز لك تأجيل الرد مع القدرة، وراجع الفتوى رقم: 242626.
والواجب أن ترجع هذه الأموال إلى أصحابها أو ورثتهم إن كانوا أمواتاً، لأن ملك أصحاب الأموال لم يزل عنها لعدم قبض الفقراء لها، جاء في المجموع للنووي –رحمه الله- : من دفع إلى وكيله أَوْ وَلَدِهِ أَوْ غُلَامِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ شَيْئًا يُعْطِيهِ لِسَائِلٍ أَوْ غَيْرِهِ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ دَفْعُهُ إلَى ذَلِكَ الْمُعِينِ استحب له أن لا يَعُودَ فِيهِ بَلْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ جَازَ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِه.
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع : (وَمَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّدَقَةِ بِهِ (ثُمَّ بَدَا لَهُ) أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهِ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ) وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِهَا.
والأموال التي تاجرت بها وخسرت فأنت ضامن لها، وأما التي ربحت ومنها الأرض التي دخل في ثمنها بعض هذه الأموال، وقد زادت قيمة هذه الأرض، فالأرجح والأحوط أن ترد جميع هذه الأرباح والزيادة إلى أصحاب المال، وراجع الفتوى رقم: 53640.
وإذا كان صاحب العمل قد أخبرك بأن هذه الأموال ليست له وحده، وأنت لا تعرف هؤلاء الناس ولا مقادير ما أعطوا له، فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أن تدفع المال كله لورثة صاحب العمل، وتخبرهم بما قاله لك من كون بعض هذه الأموال كانت لغيره، فإن عرفوا هؤلاء الناس ردوا إليهم أموالهم، وإلاّ فالأحوط أن يتصدقوا بجميع المال.
والله أعلم.