الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثناء على المحسن بإحسانه وتشجيعه ببيان أنه أتقن العمل ونحو ذلك لغرض محمود ليس من المدح المذموم، وقد ثبت في الصحيح من حديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين فاتته ركعة من الصلاة، وكان الصحابة قد قدموا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليصلي بهم فصلى مع الناس الركعة الأخيرة. فلما سلم عبد الرحمن قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح. فلما قضى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاته، أقبل عليهم ثم قال: أحسنتم. أو قال: قد أصبتم. يغبطهم أن يصلوا لوقتها.
ولذلك نظائر في السنة كثيرة تدل على أن الثناء على المحسن بإحسانه تشجيعا له وحثا له على مزيد الإحسان ليس مما يذم، وقد أمرنا الله أن نكون قوامين بالقسط، ومن القسط حمد المحسن وذم المسيء، لكن لا تجوز المجازفة والمبالغة في المدح، كما لا يجوز المدح حيث خيفت الفتنة على الشخص الممدوح.
قال النووي في شرح مسلم: النهي محمول على المجازفة في المدح، والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب، ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه، ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه، إذا لم يكن فيه مجازفة. انتهى.
وأما شكر الناس على ما يسدونه من معروف فمأمور به، وقد روى أحمد والبخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس. صححه الألباني.
والله أعلم.