الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فليس للرجل المشار إليه أن يوصي بشيء للذكور دون الإناث؛ لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا، والطريقة التي يريد أن يوصي بها ذلك الرجل لسداد الدين غير صحيحة؛ لأنه لو أوصى لهم بما زاد على الثمن الذي كان يملكه وقت شراء البيت، على أساس أنه دين لهم عليه، ربما زاد ثمن البيت عند وفاته، وصار أكثر من الثمن الذي اشتراه به أصلا بما في ذلك المبلغ المقترض، فيكون حينئذ قد أوصى لهم بمقدار الدين وما زاد عنه.
وكونه أيضا جهز من احتاج الزواج من بناته، هذا لا يبيح له أن يوصي لمن لم يتزوج في حياته، وانظر الفتوى رقم: 179159.
والدين الذي عليه لأبنائه، لهم الحق في أخذه من التركة قبل قسمتها؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، فلا يحتاج أن يوصي به، فإذا مات الرجل، فإن الأبناء المقرضين، يأخذون من التركة قدر الدين من غير زيادة، ثم يُقسم ما بقي من التركة على الورثة القسمة الشرعية.
ويحرم على الرجل أن يتحايل لإسقاط حق الإناث في الإرث، ويحرمهن من الميراث، فإن هذا من عادات أهل الجاهلية التي أبطلتها شريعة الإسلام العادلة، وقد قال عز وجل: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا. {النساء : 7}.
قال السعدي: كان العرب في الجاهلية - من جبروتهم وقسوتهم، لا يورثون الضعفاء كالنساء والصبيان، ويجعلون الميراث للرجال الأقوياء-؛ لأنهم -بزعمهم- أهل الحرب والقتال، والنهب والسلب، فأراد الرب الرحيم الحكيم أن يشرع لعباده شرعًا، يستوي فيه رجالهم ونساؤهم، وأقوياؤهم وضعفاؤهم. وقدم بين يدي ذلك أمرا مجملا لتتوطَّن على ذلك النفوس. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 93811.
والله تعالى أعلم.