الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فميتة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه من أشرف الميتات وأكرمها وأحبها إلى الله تعالى، فإنهما شهيدان بنص خبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقتلهما شهادة لهما، والشهداء من أحب الخلق إلى الله وأكرمهم عليه، ولهم من الكرامة عنده، وعظيم المنزلة لديه ما تواترت به النصوص، فظنك أن ما حصل لهما ولغيرهما من الأكابر كعلي والحسين ونحوهم من ميتة السوء وَهْمٌ قبيح منك، بل هي كما ذكرنا أشرف الميتات وأحبها إلى الله تعالى.
وأما ميتة السوء فقد فسرت بخلاف حال هؤلاء الأكابر رضوان الله عليهم، وقد جنبهم الله هذه الميتات بلطفه وكرمه، قال المناوي في فيض القدير: الميتة الحالة التي يكون عليها الإنسان من موته وميتة السوء أن يموت على وجه النكال والفضيحة؛ ككونه سكران، أو بغير توبة، أو قبل قضاء دينه، أو غير ذلك. انتهى.
وزاد ميتة السوء بيانا في المرقاة فقال: هي الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ فِي الْمَوْتِ، وَالسَّوْءُ بِفَتْحِ السِّينِ وَيُضَمُّ، وَالْمُرَادُ مَا لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ؛ كَالْفَقْرِ الْمُدْقِعِ وَالْوَصَبِ الْمُوجِعِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي تُفْضِي بِهِ إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَنِسْيَانِ الذِّكْرِ، وَقِيلَ: مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَالْحَرْقِ وَالْغَرَقِ وَالتَّرَدِّي وَالْهَدْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي حَاشِيَةِ مِيرَكَ قَالَ الشَّارِحُ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالْمِيتَةِ السَّوْءِ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ؛ كَالْفَقْرِ الْمُدْقِعِ وَالْوَصَبِ الْمُوجِعِ وَالْأَلَمِ - الْمُرَادُ الْمُفْلِقُ - وَالْأَغْلَالِ الَّتِي تُفْضِي إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَالْأَهْوَالِ الَّتِي تَشْغَلُهُ عَمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَمَوْتِ الْفَجْأَةِ الَّتِي هُوَ أَخْذَةُ الْآسِفِ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ: أَرَادَ بِهِ مَا تَعَوَّذَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُعَائِهِ " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي وَمِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا. انتهى.
والله أعلم.