الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموجبون لقراءة الفاتحة على المأموم، اختلفوا -كما ذكرت- فيما إذا ركع الإمام قبل أن يتمها، على قولين، أرجحهما عندنا أنه يتمها ولو تخلف عن الإمام، ولا يضره تخلفه، وهو المعتمد عند الشافعية، والقول الثاني عند الشافعية، ورجحه العلامة ابن عثيمين -وهو ممن يوجبون الفاتحة على المأموم- أنه يبادر بالركوع، وانظر الفتوى رقم: 142131 وما أحيل عليه فيها.
ثم الشافعية الموجبون للفاتحة، اختلفوا فيما إذا قام الإمام للثالثة قبل أن يتم المأموم التشهد الأول، والمرجح عندهم أنه يتمه؛ لأنه تخلف يسير، ثم هم يفرعون على القول بوجوب إتمام الفاتحة، فيرون أنه والحال هذه متخلف لعذر، ولا يفرعون على القول الثاني، وقد يتوجه إذا قيل إنه معذور أن يركع متابعة لإمامه.
جاء في حواشي العبادي: ولو أتى ببعض التشهد الأول، وَقَامَ عَنْ الْبَاقِي. فَعَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ إتْمَامُهُ، وَعَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي نَدْبُ الْإِتْمَامِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ، قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ نَدْبِ الْإِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ، وَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ مَعَ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهُمَا، فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ هَذَا الْمُتَخَلِّفُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْفَاتِحَةَ، فَالْمَطْلُوبُ أَنَّهُ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّخَلُّفِ لَهُ يَكُونُ مَعْذُورًا، فَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ، وَيَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ فِي ذَلِك. انتهى.
والله أعلم.