الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر، مستحب، وقيل: واجب، وانظر الفتوى رقم: 119406.
وإذا أخذت بأسباب الاستيقاظ، ثم غلبك النوم، فقد فعلت ما وجب عليك، ولا إثم عليك أصلًا، بل عليك أن تصلي حين تستيقظ؛ فإن هذا هو وقت الصلاة في حقك.
وأما إذا انتبهت بعد دخول الوقت، فلا يجوز لك النوم، ما لم تعلم أنك تستيقظ قبل خروج الوقت.
فإذا علمت، أو غلب على ظنك أنك تستيقظ في الوقت، فلا إثم عليك أيضًا، وإن خرج الوقت.
وأما إذا علمت، أو غلب على ظنك أنك لا تستيقظ في الوقت، فتعمدت النوم؛ فقد أثمت بذلك، ووجب عليك التوبة النصوح إلى الله تعالى، ولا يجب عليك شيء غير التوبة.
والذي يظهر لنا من حالك، أنك حين تنام، فإنك تكون مقدرًا أنك تستيقظ لاحقًا، وهذا وإن كان لا يخلو من كراهة، لكنه غير موجب للإثم، على ما بيناه مفصلًا في الفتوى رقم: 141107.
وإذا علمت ما مرَّ، فلا تحمل نفسك ما لا تطيق، وخذ بأسباب الاستيقاظ، ومنها: النوم مبكرا، وبادر بالصلاة إذا انتبهت، وجاهد نفسك على هذا، وغالب ما يعرض لك من النوم، واستعن بدعاء الله تعالى أن يوفقك للانتباه لصلاة الفجر، وألا تضيعها، ثم إن فاتت بغير تقصير منك، فالأمر سهل، ولا إثم عليك، وقد استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد طلوع الشمس مرة، كما هو معلوم.
فافعل ما في وسعك، ولا تقصر فيه، ثم لا تحمل نفسك بعد هذا ما لا تطيق، ولا تكلفها ما لم يكلفك الله عز وجل.
وأما ترك الصلاة عمدًا فلست -إن شاء الله- من أهل هذا الفعل الشنيع، والخلاف في حكمه، بيناه في الفتوى رقم: 130853.
وجمعك بين الفضائل من السهر في الطاعة، والانتباه لصلاة الفجر، ممكن بلا شك بالمجاهدة، والاجتهاد في الدعاء.
فإن تعارضا، فالقيام لصلاة الفجر في وقتها أولى وأهم، وما تفعله من عبادات بالليل، يمكنك فعله، أو فعل بعضه بالنهار.
والله أعلم.