الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر السائل أن أصحاب والده في الإدارة التعليمية كانوا يتبرعون بالقيام بعمله؛ نظرًا لشدة مرضه، ثم لما أرادوا نقله، نقلوه إلى مدرسة مهنية، لا يأتي إليها طلاب تقريبًا!
والظاهر من هذا؛ أن المسؤولين عن العمل تعمدوا ذلك؛ مراعاة لحالته الصحية، ومن ثم؛ فالظاهر أنهم على علم بعدم ذهابه إلى المدرسة إلا نادرًا، فإن كانوا مخولين من جهة العمل بمثل هذا التصرف، فلا حرج على والدك في أخذ راتبه، وإلا، فلا.
وطالما كان الأمر كذلك، فالأصل أنه لا حرج على السائل في الأكل من راتب والده، أو الانتفاع به في الدراسة، أو غيرها من الأمور، حتى يثبت خلاف هذا الأصل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكًا له، إن ادعى أنه ملكه ... فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا، كنت جاهلًا بذلك، والمجهول كالمعدوم. اهـ.
ثم على افتراض عدم استحقاق الوالد لراتب الأيام التي لم يحضرها، فإنه يستحق راتب الأيام التي حضرها، وإن قلّت، فيكون ماله مختلطًا، ومعاملة صاحب المال المختلط، ليست محرمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6880.
وعندئذ؛ فاختلاط المال أظهر في مكافأة نهاية الخدمة؛ لأنها متعلقة بكامل مدد الخدمة، ومنها: المدة التي سبقت المرض، فهي خالية من الإشكال الوارد في السؤال أصلًا.
والله أعلم.