الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصورة الصحيحة للمرابحة: أن يشتري البنك البضاعة لنفسه أولًا، وبعد دخولها في ملكه وضمانه، وحوزه لها، يجري عقد البيع عليها للآمر بالشراء، ولا يؤثر كون البنك يزيد في الثمن ويربح؛ لأن الزمن له حصة من الثمن، والبيع بالنقد العاجل، ليس كالبيع بالآجل.
فإن كان ما يتم بين الشاب والبنك على هذا النحو، فهذه معاملة صحيحة.
وأما لو كان البنك إنما يسدد ثمن البضاعة عن الشاب فحسب، ولا يشتري البضاعة لنفسه، بل الشاب هو من يشتريها لنفسه من الشركة، والبنك يدفع عنه ثمنها، ثم يستوفيه منه بزيادة؛ فهذا قرض ربوي محض، ولا فرق بين أن يسلمه الثمن مباشرة، وبين أن يسلمه للشركة نيابة عنه، فلا تجوز هذه المعاملة؛ لكونها ربا محرمًا، ولا خير في الربا، فقد توعد الله عليه بالحرب في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}.
فيتحرى المرء في ذلك، ويتثبت من حقيقة المعاملة: فإن كانت محرمة، اجتنبها؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا إني بما تعملون عليم"، وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم"، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
والله أعلم.