الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقّك أن تلتحق بالدراسة التي تنفعك، أو العمل الذي تحتاجه، ولا حقّ لوالدك في منعك من ذلك، وإذا تركت العمل معه، وسعيت لما تحتاجه في دنياك من غير أن يكون فيه ضرر عليه، فلا تكون بذلك عاقاً له، قال الهيتمي -رحمه الله- : إذَا ثَبَتَ رُشْدُ الْوَلَدِ الذي هو صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ مَعًا لم يَكُنْ لِلْأَبِ مَنْعِهِ من السَّعْيِ فِيمَا يَنْفَعُهُ دِينًا أو دُنْيَا. الفتاوى الفقهية الكبرى - (2 / 128) وراجع الفتوى رقم: 76303.
وحيث كان غضبه ودعاؤه عليك بغير حقّ فلا يضرك ذلك –بإذن الله- قال ابن علان –رحمه الله- : ... ودعوة الوالد على ولده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (6 / 301)
وقال المناوي: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق. التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي - (1 / 950)
لكن عليك برّ والدك في كل حال، والإحسان إليه قدر طاقتك، فاجتهد في التفاهم معه، أو وسّط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ليكلموه حتى يرضى بما تسعى إليه، وإذا لم يرض فاعتذر له برفق وأدب، ولا يجوز لك أن تسيء إليه أو تهجره، فحقّ الوالد على ولده عظيم، وبره من أعظم أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة، فعن أبي الدرداء –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري –رحمه الله- : قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. تحفة الأحوذي.
والله أعلم.