الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يجعل لك من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية، إنه سبحانه سميع مجيب.
وبخصوص سؤالك نرى أن ترفعي أمرك فيه إلى أحد المراكز الإسلامية عندكم، أو أن تشافهي أحد العلماء، فهنالك ما قد يحتاج إلى التبين منك فيه، وعلى وجه العموم نقول للفائدة ما يلي:
أولًا: الزواج دون ولي لا يجوز، وباطل على الراجح من أقوال العلماء؛ فالولي شرط لصحة الزواج، وراجعي الفتوى رقم: 1766.
وإن كان والدك لم يسمح لك بأن تكوني زوجة ثانية، فهذا لا يسوغ لك الزواج بغير إذنه، وإن منعك الزواج من الكفء لغير سبب مشروع، فكان بإمكانك رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليزوجك، فالسلطان ولي من لا ولي له، وانظري الفتوى رقم: 67198.
ثانيًا: الخلع لا يحتاج إلى حكم حاكم في قول جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: لا يفتقر الخلع إلى حاكم، نص عليه أحمد، فقال: يجوز الخلع دون السلطان. وروى البخاري ذلك عن عمر، وعثمان -رضى الله عنهما- وبه قال شريح، والزهري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأهل الرأي، وعن الحسن، وابن سيرين: لا يجوز إلا عند السلطان... اهـ. ولكن الخلع له أركانه التي لا يتم إلا بها، وقد بيناها في الفتوى رقم: 13702.
ثالثًا: الزواج المختلف في فساده، ومنه: الزواج بغير ولي، قد ذهب بعض العلماء أنه لا تحتاج الفرقة فيه إلى حكم حاكم، وهو مذهب الشافعية، جاء في الحاوي للماوردي: ..الطلاق مختص بالفرقة، والنكاح الفاسد لا يحتاج فيه إلى وقوع الفرقة. اهـ.
وفي المغني لابن قدامة: وقال الشافعي: لا حاجة إلى فسخ، ولا طلاق؛ لأنه نكاح غير منعقد، أشبه النكاح في العدة... اهـ.
رابعًا: على المسلم أن يبادر إلى سؤال أهل العلم عما يحتاج إلى معرفة حكمه قبل الإقدام على العمل، وخاصة فيما يتعلق بأمر النكاح؛ فالأصل في الفروج التحريم، قال القرطبي: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.