الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه إلى أنّ هذا الموقع ليس معنياً بجواب الأسئلة البحثية، ولكنه معني بإسعاف المستفتين بالإجابة على أسئلتهم الشرعية، التي يحتاجون إليها.
وبخصوص سؤالك عن إثم المعصية المتعلقة بالآدمي كعقوق الوالدين، والإكراه على الزنا، والغيبة، والقذف ونحو ذلك، هل يسقط بمجرد عفو الآدمي صاحب الحق؟ أم لا بد من التوبة إلى الله تعالى؟
فالجواب أنّ عفو الآدمي لا يكفي دون توبة بين العبد وربه؛ أنّ هذه المعاصي يجتمع فيها حقّ الله وحقّ العبد.
قال النووي -حمه الله- في رياض الصالحين: قالَ العلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى، لا تتعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ، فلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:
أحدُها: أَنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.
والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.
والثَّالثُ: أَنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا.
فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ، َلم تصح توبَتُهُ.
إنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ، فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأَنْ يَبْرَأَ مِنْ حَقّ صَاحِبِها. اهـ.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقا لله، وحقا للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه، والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه. اهـ.
والله أعلم.