الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسنجيبك عن النقطة الأولى الواردة في سؤلك، وهي: هل توجد قاعدة فقهية "ينبني عليها هذا الأمر، أقصد جواز أن يكون للعبد قصد رئيس أكبر، وقصد تابع له أصغر، والجواب أن هنالك قاعدة تقتضي ذلك، وهي قولهم: "يجوز تبعًا، ما لا يجوز استقلالًا، ويغتفر في الشيء ضمنًا، ما لا يغتفر فيه قصدًا، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها، وقريب منها: يغتفر في الشيء ضمنًا، ما لا يغتفر فيه قصدًا، وربما يقال: يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل. اهـ.
وفي أصول الكرخي -رحمه الله- كما ذكر البركتي في قواعد الفقه: الأصل أنه قد يثبت الشيء تبعًا، وحكمًا، وإن كان يبطل قصدًا. اهـ.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر أيضًا: القاعدة الرابعة: التابع تابع. يدخل في هذه العبارة قواعد: الأولى: أنه لا يفرد بالحكم. اهـ.
وفي شرح القواعد الفقهية للزرقا: التابع لا يفرد بالحكم، ما لم يصر مقصودًا. اهـ.
ومما يستدل به لهذه القاعدة قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، يعني أن تجارة المسلمين في الحج، لا تخل بالإخلاص؛ لأَنَّهم لا يقصدونها بذاتها، وإنَّما يقصدون الحج أصلًا، والتجارة منفعة تابعة، ذكر ابن كثير في تفسيره: عن أبي أمامة التيمي، قال: قلت لابن عمر: إنا أناس نكري في هذا الوجه إلى مكة، وإن أناسًا يزعمون أنه لا حج لنا، فهل ترى لنا حجًّا؟ قال: ألستم تحرمون، وتطوفون بالبيت، وتقفون المناسك؟ قال: قلت: بلى. قال: فأنتم حجاج...
ويستدل لها بغير ذلك، مما بينه العلماء في كتبهم.
وبقية الأسئلة يطرح كل سؤال منها في رسالة مستقلة، مع أن أكثرها متشعب عن المسألة التي أجيب عنها، وما ذكر يكفي للجواب عنها.
والله أعلم.