الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على غيرتك على محارم الله، وخوفك من الوقوع فيما لا يرضي الله عز وجل -وفقك الله إلى كل خير، وجنبك كل شر، ورزقك العافية في دينك ودنياك، وأورثك الجنة بمنه وكرمه سبحانه-.
وقد أحسنت بتركك هذه المدرسة التي يقتضي وجودك فيها الوقوع فيما يحرم، فمصلحة حفظ الدين مقدمة على كل مصلحة، وقد أجاد من قال:
فالدين رأس المال فاستمسك به * فضياعه من أعظم الخسران.
ومن اتقى الله جعل له مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب، كما وعد في كتابه، ومن ترك شيئًا لله، عوضه خيرًا منه، كما ثبت في السنة النبوية.
فننصحك بالاجتهاد في البحث عن مدرسة تنتفي فيها تلك المحاذير الشرعية، عسى أن تجد فتكمل دراستك فيها، وتحقق رغبة أهلك، فإن لم تجد، وكنت في حاجة للدراسة في مدرستك هذه، ورجوت أن تأمن الفتنة، فلا بأس برجوعك إليها، واتخذ أصحابًا فيها أخيارًا يعينونك على دينك، وتعمل معهم على إنكار المنكرات حسب الطاقة، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، واجعل وجودك في المدرسة بقدر الحاجة، فإذا فرغت انصرفت عنها، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 5310.
ولا ندري ما تعني بأخف المفسدتين هنا، والصغائر والكبائر، فإن كنت تعني بالصغائر ما قد تقع فيه من مخالفات شرعية تفعلها لتجتنب الكبائر، من أمثال عقوق الوالدين، ونحو ذلك، فليس لهذا الكلام محل هنا؛ إذ لا يجوز لك شرعًا طاعة والديك فيما فيه معصية الله، فقد ثبت في الصحيحين عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. ولا تكون عاقًّا بمخالفتك لهما في هذه الحالة، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 76303، ففيها بيان ضوابط طاعة الوالدين.
والله أعلم.