الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك إنما استثمرت أموالها في البنوك الربوية معتقدة جواز ذلك لفتوى من تثق في علمه ودينه، لا متتبعة للرخص والهوى، فلا إثم عليها في الدنيا ولا في الآخرة. وأما لو كانت تتبع الرخص، وتبحث عن فتوى توافق هواها، فهي آثمة، وإلى الله أمرها وحسابها، وأما أنتم فلا إثم عليكم في الانتفاع بذلك المال في حال الفقر، أو في حال اليسر على الراجح لكونه مالا مختلطا، ولكونها اكتسبته تعتقد حله فيما تدعي. وانظر الفتوى رقم: 255337.
أما أنها لم تكن تؤدي زكاة مالها فهذه مصيبة، وإخراجها لزكاة الفطر لا يغني عن زكاة المال شيئا، وقد بينت لها ذلك -كما ذكرت في السؤال- فلتتب إلى ربها قبل أن يدركها الموت، ولتؤد زكاة مالها عما مضى من السنين، ولتخش العقوبة الأليمة الواردة في قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ {التوبة:35}، ولما روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
فعظها، واسلك في ذلك كل السبل التي يمكن أن تؤثر عليها لتتوب إلى ربها، وتؤوب إلى رشدها، وتؤدي زكاة مالها. وتكف عن الربا, كما ينبغي أن تبين لها أنه يمكنها استثمار مالها في البنوك الإسلامية، وستعطى أرباحا مقابل ذلك، وشتان بين الربح الحلال والفوائد الربوية المحرمة، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].
والله أعلم.