الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأولاد الصغار الذين لا مال لهم، ولا كسب، نفقتهم واجبة على أبيهم بالمعروف، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الابن البالغ لا تجب نفقته على أبيه، إلا أن يكون عاجزًا، كالمريض، ونحوه.
وذهب الحنابلة إلى وجوب نفقة الابن على أبيه ما دام الابن لا يجد ما ينفق به على نفسه، ولو كان صحيحًا قويًّا، قال ابن قدامة: ولا يشترط في وجوب نفقة الوالدين والمولودين، نقص الخلقة، ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب. وقال المرداوي: شمل قوله: وأولاده وإن سفلوا، الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء، إذا كانوا فقراء، وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب.
أمّا البنات البالغات: فالراجح أنّ نفقتهن على أبيهن، حتى يتزوجن، كما سبق في الفتوى رقم: 25339.
وكونكم لا تسكنون مع أبيكم لا يسقط حقكم عليه في النفقة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 193707.
ومن النفقة الواجبة بالمعروف للأولاد السكنى، إلا أنّه لا يجب على الأب أن يملكهم دارًا للسكنى، ولكن يكفي أن يسكنهم في دار بأجرة، أو إعارة، أو غيرها.
لكن إذا كان الوالد قد وهب أولاده من الزوجة الثانية دارًا، فالراجح عندنا وجوب التسوية في الهبة بين جميع أولاده، فإمّا أن يهب لجميع الأولاد بالسوية، وإما أن يرد ما وهبه لأولاد الزوجة الثانية، وراجعي الفتوى رقم: 374155.
واعلموا أنّ حق الأب على أولاده عظيم، ولا يسقط حقّه عليهم بإساءته، أو ظلمه لهم، فالواجب عليكم أن تبروا أباكم، وتحسنوا إليه، مهما كان حاله، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
والله أعلم.