الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاستنشاق الماء أصلًا، ليس مفسدًا للصيام، وليس الصائم ممنوعًا من الاستنشاق، وإنما من المبالغة فيه، كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ, وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ, وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ, إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
فقوله في الحديث: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ, إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا. هذا يدل على أن الصائم يستنشق، لكن لا يبالغ مبالغة، حتى لا ينزل الماء إلى حلقه، وإن دخل إلى حلقه من غير قصد، ولا مبالغة في الاستنشاق، فلا شيء عليه، قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ تَمَضْمَضَ، أَوْ اسْتَنْشَقَ فِي الطَّهَارَةِ، فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَلَا إسْرَافٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ .. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 366922 عن حكم ابتلاع المصلي المخاط العالق بين الأنف والحلق.
وإننا نحذر إخواننا من الوسوسة في هذا الباب وغيره؛ فإنها شر مستطير، ومن الشيطان؛ ليُنَغِّصَ على المسلم عبادته لربه حتى يملها، ويضجر منها، وربما ليحمله على تركها.
والله تعالى أعلم.