الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك إلى أنّ قولك إنّ سبب حرمانك من الحرية هو الدين، قول باطل منكر، بل الصواب أنّ سبب كل حرمان وشقاوة هو البعد عن الدين، وسبب كل خير وسعادة، هو التمسك بالدين الحق.
ثم إنّ الإنسان مهما لاقى في دنياه فلا يجوز له أن يقتل نفسه، فقتل النفس كبيرة من أكبر الكبائر، وقد ورد في شأنها وعيد شديد بالخلود في النار -والعياذ بالله- ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. وراجعي الفتوى رقم: 10397.
وكون قاتل نفسه قد لا يخلد في النار، لا يهوّن من فظاعة هذه الكبيرة، ولا يسوّغ الجرأة على الإقدام على تلك الجريمة النكراء، وكيف يقدم العاقل على معصية خالقه، ويتعرض لغضبه ووعيده بالنار، ولو لساعة واحدة، مهما لقي في حياته من ألم؟ فعذاب الدنيا كله لا يوازي غمسة واحدة في جهنم، وفي المقابل فإنّ غمسة واحدة في الجنة تنسي العبد ما تعرض له في الدنيا من البلاء، ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ .
فتوبي إلى الله، وأقبلي عليه، وبثي شكواك إليه، وأبشري ولا تيأسي، فربك رحيم، أرحم بك من أبيك وأمك ونفسك، وأعلم بمصالحك من كل أحد، ولا تتمني الموت بسبب ما يصيبك من البلاء في الدنيا، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي. (متفق عليه)
وننصحك بأن تعرضي نفسك على طبيب نفسي ثقة، وللفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات النفسية بموقعنا.
والله أعلم.