الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: يذكر العلماء ثلاثة أسباب لانتقال مرض الإيدز -نسأل الله أن يحفظ المسلمين من كل شر، وبلاء-، فقد جاء في الموسوعة العربية العالمية: كيفية انتقال فيروس الإيدز.
استطاع الباحثون أن يحددوا ثلاث وسائل لانتقال فيروس الإيدز، تشمل:
1- الاتصال الجنسي.
2- التعرض للدم الملوث.
3-انتقال الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين.
ويعتبر الاتصال الجنسي غير المشروع السبب الرئيسي لانتقال الفيروس، ويكون احتمال الانتقال أكبر في اللواط (الشذوذ الجنسي). اهـ.
وبهذا النقل يتبين أن السبب الرئيس لانتقال هذا المرض هو ما أسمته الموسوعة: "الاتصال الجنسي غير المشروع"، وهو الزنى في لغة الشرع؛ ولهذا كان الناس بالفطرة يعتبرون هذا المرض وصمة عار لمن أصيب به.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن عنوان المؤتمر: "رفع الوصم المجتمعي عن مرضى الإيدز" قد يُفهم منه أن المقصود هو السعي من أجل تغيير نظرة الناس إلى الزنى والزناة، بحيث ينظرون إلى الزنى على أنه أمر لا حرج فيه، ولا عار على الزناة والزواني.
فإن كان هذا هو المقصود، وليس البحث في طرق لعلاج المصابين به، فلا شك أن هذا سعي في تهوين جريمة وذنب عظيم من أكبر الكبائر، ولا تجوز المشاركة في مثل هذه المؤتمرات التي هي في حقيقتها سعي في استحلال ما حرم الله تعالى، وخطوة في سبيل إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، وكون مرض الإيدز كأي مرض قد يصيب أي شخص، حتى وإن كان ملتزمًا، وأنه ليس بالضرورة أن يكون عقابًا، وهذا لا يعني التهوين من شأن جريمة الزنى، وقد سبق أن بينا مشروعية علاج المصابين بهذا المرض، والبحث عن سبل الوقاية منه، فهذا لا حرج فيه، كما في الفتوى رقم: 65474.
كما سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في موضوع ختان الإناث، وأن أهل العلم اتفقوا على مشروعيته في الجملة، وإن اختلفوا في كونه واجبًا أو مستحبًا، وانظري الفتويين التاليتين: 121681 - 176621.
وأما مسألة نشر الوعي الجنسي: فإن هذه كلمةٌ مجملة، ينظر في المقصود منها، وما هو المراد نشره من الأمور الجنسية؟ هل هو مما يباح فعله أو مما يَحْرُمُ؟ وبين من سَيُنشر؟
ومن المعلوم أن من أصحاب الأفكار المنحرفة، وبعض المنظمات الدولية التي سيطروا عليها -من هؤلاء- من يسعى لنشر الثقافة الجنسية الوقحة حتى بين طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية، وقد سبق أن بينا أن موضوع الثقافة الجنسية ونشرها بحجة الوعي، بابٌ واسع يلج منه من يحبون شيوع الفاحشة في الذين آمنوا، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 131745 - 39077 - 44216.
وكذا القول: إن العادة السرية سلوك فطري، وممارسة آمنة، يكذبه الواقع، وعلم الطب، وانظري الفتويين التاليتين: 24126 - 23935.
ولو فرضنا أن تلك العادة آمنة من الناحية الطبية، فهذا لا يقضي إباحتها ما دام الشرع قد دل على تحريمها.
وبناء على ما سبق؛ نقول للأخت السائلة: إن كان المؤتمر سيقرر أمرًا يعارض ما جاء به الشرع، فلا تشاركي فيه، وإن كان سيقرر ما لا يتعارض مع الشرع، ولا يترتب على حضوره منكر، كالاختلاط المحرم، فلا حرج في المشاركة فيه.
والله تعالى أعلم.