الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن محل النهي عن سؤال الناس أموالهم، هو سؤالهم إياها لغير ضرورة، أو حاجة.
وأما المحتاج، فيجوز له سؤال الناس بقدر ما يزيل حاجته، كما جاء في حديث سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا، أو في أمر لا بد منه. أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان.
قال النووي في شرح مسلم: مقصود الباب -باب النهي عن المسألة- وأحاديثه، النهي عن السؤال، واتفق العلماء عليه إذا لم تكن ضرورة. اهـ.
وقال ابن تيمية: السؤال محرم إلا عن الحاجة إليه، وظاهر مذهب أحمد -رحمه الله- أنه لو وجد ميتة عند الضرورة ويمكنه السؤال، جاز له أكل الميتة، ولو مات، مات عاصيًا، ولو ترك السؤال، فمات، لم يمت عاصيًا.
والأحاديث في تحريم السؤال كثيرة جدًّا نحو بضعة عشر حديثًا في الصحاح والسنن، وفي سؤال الناس مفاسد: الذل، والشرك بهم، والإيذاء لهم، وفيها ظلم نفسه بالذل لغير الله عز وجل، وظلم في حق ربه بالشرك به، وظلم للخلق بسؤالهم أموالهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". اهـ.
وقال أيضًا: وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم مسألة الناس إلا عند الضرورة، وقال: {لا تحل المسألة إلا لذي غرم مفظع، أو دم موجع، أو فقر مدقع}، وقال تعالى: {فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب}، فأمره أن تكون رغبته إلى الله وحده. اهـ.
وعليه؛ فما دمت محتاجًا فلا ضير عليك -إن شاء الله- في سؤال الناس أموالهم بقدر ما يدفع حاجتك، وراجع للفائدة في ضابط الحاجة الفتوى رقم: 127340.
وسؤال الناس أموالهم عن طريق تطبيق الواتساب، أو غيره من التطبيقات، ليس معنى مؤثرًا في حكم سؤال الناس، فهو لا يختلف عن سؤال الناس أموالهم كفاحًا، أو بغير ذلك من الوسائل.
والله أعلم.