الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يمحو حوبتك، وأن يثبتك على هداه، ولا ريب في أن ما كنت عليه هو من الغواية والضلال البعيد، فمما ذكرته ما يبلغ الكفر- كإنكار خلق الله آدم بيديه - ومنه ما يقاربه، وهذه ثمرة نكدة من ثمار قراءة كتب أهل الزيغ والضال، فرحم الله أئمة الإسلام الذين طالما حذروا، ونفروا أشد التنفير من التعرض لضلالات أهل الأهواء بالاستماع لهم، أو قراءة كتبهم.
فاحمد الله أن أنقذك من تلك الضلالات، واعلم أن التوبة تجب ما قبلها، وأن البدعة مهما عظمت، فإن التوبة الصادقة تمحوها وتكفرها، فالتوبة تمحو الشرك وتبعاته -فكيف بغيره-؟
قال ابن تيمية: إذا تاب العبد من الذنب، غفره الله له، شركا كان أو غير شرك. كما قال تعالى: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}، فهذا في حق التائب. اهـ.
والله عز وجل من أسمائه التواب، وهو سبحانه يحب التائبين، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة:222} ، والله عز وجل أكرم من أن يرد تائبا صادقا.
والله جل وعلا يفرح بعبده إذا تاب إليه، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح أخرجه الشيخان، واللفظ لمسلم.
بل إن الله بفضله وكرمه، قد يبدل سيئات التائبين حسنات، لما يرى من صدق توبتهم، وكمال رجوعهم إليهم، كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.
فعليك أن تحسن ظنك بالله، وأن تتضرع إليه سبحانه أن يمن عليك بتوبة نصوح.
ومتى ندمت واعترفت بفساد تلك الاعتقادات، ورجعت عنها، واعتقدت ضدها؛ فإن توبتك صحيحة مقبولة -إن شاء الله- وراجع مزيد بيان وتفصيل حول التوبة من البدع، في الفتوى رقم: 228295.
والله أعلم.