الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى هذه المرأة أن تعرف عظيم جنايتها، وتتوب إلى الله تعالى مما اقترفته، ثم الظاهر أنه لا تلزمها دية ولا كفارة؛ لكون الولد خرج سليما، ولكونها فعلت ما يسعها من وضعه تحت إشراف الأطباء، ويظهر أن ما فعلته ليس هو السبب في موته بدليل أنه ولد سليما، وعاش مدة بعد ذلك، وشرط الضمان أن يعلم كونها تسببت في موته.
قال ابن قدامة في المغني: إنَّمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ إذَا عُلِمَ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الضَّرْبَةِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسُقُوطِهِ فِي الْحَالِ وَمَوْتِهِ أَوْ بَقَائِهِ، مُتَأَلِّمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ، أَوْ بَقَاءِ أُمِّهِ مُتَأَلِّمَةً إلَى أَنْ تُسْقِطَهُ، فَيُعْلَمَ بِذَلِكَ مَوْتُهُ بِالْجِنَايَةِ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ رَجُلًا فَمَاتَ عَقِيبَ ضَرْبِهِ، أَوْ بَقِيَ ضَمِنًا حَتَّى مَاتَ. وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا، فَجَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ إذَا كَانَ عَمْدًا، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، بَلْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَعَلَى الثَّانِي الْأَدَبُ. وَإِنْ وَقَعَ الْجَنِينُ حَيًّا، ثُمَّ بَقِيَ زَمَنًا سَالِمًا لَا أَلَمَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الضَّارِبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ جِنَايَتِهِ. انتهى
والحاصل أنه ما لم يتيقن أنه مات بسبب فعلها، فلا ضمان عليها، وهذا هو الظاهر.
والله أعلم.