الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكرت من موافقة ولي هذه الفتاة على هذا الخاطب، ورفضها له، فالمعتبر قولها هي.
وبناء عليه فلا حرج في خطبتها من غيره، ولا يشمله حديث النهي عن الخطبة على الخطبة.
قال ابن قدامة في المغني: والتعويل في الرد والإجابة على الولي - إن كانت مجبرة - وعليها إن لم تكن مجبرة لأنها أحق بنفسها من وليها, ولو أجاب هو ورغبت عن النكاح كان الأمر أمرها, وإن أجاب وليها فرضيت فهو كإجابتها, وإن سخطت فلا حكم لإجابته؛ لأن الحق لها, ولو أجاب الولي في حق المجبرة فكرهت المجاب واختارت غيره سقط حكم إجابة وليها؛ لكون اختيارها مقدمًا على اختياره, وإن كرهته ولم تجز سواه فينبغي أن يسقط حكم الإجابة أيضًا؛ لأنه قد أمر باستئمارها, فلا ينبغي له أن يُكرِهها على ما لا ترضاه, وإن أجابته ثم رجعت عن الإجابة وسخطته زال حكم الإجابة؛ لأن لها الرجوع .اهـ.
فيجوز لك الدعاء بأن يجعلها الله عز وجل زوجة لك، ولكن إن لم يتيسر لك الزواج منها، فدعها وابحث عن غيرها، فقد تجد خيرا منها، ولا تأسف على ما فات، بل سلم أمرك لله عز وجل، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد23:22}. وقال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.