الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في كونك أعطيت إرضاء زوجك أهمية، وسعيت في هذا السبيل، وهذا باب من أبواب الخير عظيم، ففي الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة.
فاثبتي على ذلك وداومي عليه، ولا تتركي فرصة للشيطان ليحول بينك وبين هذا المقصد العظيم، أو أن يوقع بينك وبين زوجك، فهو عدو الإنسان، قال تعالى: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:168}، وهو الحريص على تشتيت الشمل والتفريق بين الأحبة، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال- فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. وجاء هذا الحديث تحت باب: (تحريش الشيطان، وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينا).
وكوني على حذر من هذه الهواجس التي أصبحت تنتابك، وأن تفعلي معه مثل ما يفعل معك، فتقارنيه بالآخرين، فهذا قد يكون ذريعة إلى أمور خطيرة لا تحمد عقباها.
ثم إنه على فرض أنك مقصرة في هذا الجانب، فليس من الإنصاف أن يهمل الزوج الجوانب الحميدة، وينظر إلى محل العيوب. وجاء في هذا الخصوص توجيه نبوي كريم، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره، وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.
وزوجك مأمور شرعا بأن يحسن عشرتك، فيعاملك معاملة حسنة، ويقول حسنا، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
ومقارنته إياك في النظافة أو في غيرها بوالدته أو أخته في بيتها، ينتقصك بذلك، يتنافى مع المعاشرة بالمعروف، وليس من حقه أن يفعل ذلك.
ونوصيك بالصبر عليه، فعاقبة الصبر خير، وأكثري من الدعاء له أن يرزقه الله رشده وصوابه، فبالصبر والدعاء يكون التوفيق بإذن الله.
والله أعلم.