الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الزواج قد تم بغير ولي، فلا يصح في قول جمهور الفقهاء، فعندهم لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، خلافًا لأبي حنيفة.
والفتوى عندنا على مذهب الجمهور؛ لقوة أدلته، وراجع الفتوى رقم: 5855.
وبناء على قول الجمهور؛ يجب فسخ هذا الزواج.
وقد اختلف الفقهاء أيضًا في حكم الطلاق المعلق، فالجمهور على وقوعه مطلقًا قصد الزوج إيقاعه، أو قصد مجرد التهديد. ويرى ابن تيمية أنه إذا قصد الزوج التهديد ونحوه، تلزمه كفارة يمين، فلا يقع الطلاق عنده في هذه الحالة، وراجع الفتوى رقم: 19162.
والمفتى به عندنا أيضًا قول الجمهور.
وكان يسعك العمل بفتوى من أفتاك بعدم وقوع الطلاق، وتقوم بتجديد العقد بإذن ولي هذه المرأة، وحضور الشهود.
وعلى الفتوى الأخرى التي أفتاك بها الشيخ الآخر، وأن الطلاق قد وقع، فهو طلاق بائن، فلا يكون للطلقتين الأخريين محل؛ لحصول البينونة بالطلقة الأولى، فلا يعتد بهما، ويكون لك الحق في تجديد العقد أيضًا.
وننبه إلى ثلاثة أمور:
الأول: أن يحرص المسلم على معرفة الحكم الشرعي قبل الإقدام على العمل، ومن كان جاهلًا بالحكم، فليسأل العلماء؛ لقول الله عز وجل: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
الثاني: أنه لا عبرة بقانون يحرم على الناس ما أحل لهم، فالتعدد مباح بشرطه، وهو العدل، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا {النساء:3}.
الثالث: أن يحذر الأزواج من التهاون في أمر الطلاق، والعجلة إلى التلفظ به لأدنى مشكلة مع الزوجات، فالزواج ميثاق غليظ، لا ينبغي تعريضه للوهن.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأصل في الطلاق الحظر، فلا يلجأ إليه إلا للحاجة، وانظر الفتوى رقم: 349471.
والله أعلم.